الحمدلله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على رسوله المصطفى وآل بيته الأطهار وأصحابه الأخيار
وبعد...
في إطار الحملة التي شنها حكام أمية العباس وجلاوزتهم على أتباع أهل بيت النبوة عليهم السلام فقد عملوا على تبرير جرائمهم وطغيانهم الدموي عبر أحاديث وروايات نسبوها للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أظهرت من خلالها شخصية النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وكأنها شخصية دموية مجردة من القيم الإنسانية الخيرة والتي إنما بعث صلى الله عليه وآله وسلم مجسدا لها وحاميا ومدافعا عنها ولعل قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}الأنبياء/107,يغني عن كل كلام
ولكن البخاري وكما جرت العادة له رأي آخر مخالف لقول الله تعالى حيث أورد فيما يسمى بصحيحه رواية عجيبة في هذا المجال نوردها لفظيا كما جاءت في (صحيح )البخاري
=حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همَّام، عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن ناساً اجتووا في المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه (وآله)وسلم أن يلحقوا براعيه، يعني الإبل، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه، فشربوا من ألبانها وأبوالها، حتى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعي وساقوا الإبل، فبلغ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم، فبعث في طلبهم فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم.
(صحيح البخاري 7/ 13:كتاب الطب/باب الدواء بأبوال الإبل)
@ وهنا يعرض بعضهم لقوله تعالى{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(المائدة/33).
في محاولة يائسة طبعا للدفاع عن البخاري وصحيحه...ولكن يأبى البخاري نفسه إلا وأن يدين نفسه فللحديث بقية حيث ينقل لنا قولا لابن سيرين في آخر الحديث فيقول
"قال قتادة فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود"
إن الكلام الأخير لابن سيرين يدل بما لا يقبل الشك على أن هذا القتل الدموي العنيف كان اجتهادا شخصيا من رسول الله صلى الله عليه وآله
@ ولكن يبقى شيء أخير وهو كيفية استغلال حكام الظلم والجور ,ففي نفس (صحيح)البخاري قبل الحديث السابق نجد :
= حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا سلام بن مسكين حدثنا ثابت، عن أنس أن ناساً كان بهم سقم، قالوا يا رسول الله آونا وأطعمنا، فلما صحُّوا، قالوا إن المدينة وخمة، فأنزلهم الحرَّة في ذَوْد له، فقال اشربوا ألبانها.فلما صحُّوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم واستاقوا ذَوْده، فبعث في آثارهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت.
قال سلام: فبلغني أن الحجَّاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقبه النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم، فحدثه بهذا، فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يحدثه بهذا.(صحيح البخاري 7/ 13:كتاب الطب/باب الدواء بألبان الإبل)
ويضيف العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري:
"زاد الكشميهني بهذا وفي رواية بهز فوالله ما انتهى الحجاج حتى قام بها على المنبر فقال حدثنا أنس فذكره وقال قطع النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم الايدي والارجل وسمل الاعين في معصية الله أفلا نفعل نحن ذلك في معصية الله وساق الاسماعيلي من وجه آخر عن ثابت حدثني أنس قال ما ندمت على شئ ما ندمت على حديث حدثت به الحجاج فذكره وإنما ندم أنس على ذلك لان الحجاج كان مسرفا في العقوبة وكان يتعلق بأدنى شبهة ولا حجة له في قصة العرنيين لانه وقع التصريح في بعض طرقه أنهم ارتدوا وكان ذلك أيضا قبل أن تنزل الحدود كما في الذي بعده وقبل النهي عن المثلثة كما تقدم في المغازي وقد حضر أبو هريرة الامر بالتعذيب بالنار ثم حضر نسخه والنهي عن التعذيب بالنار كما مر في كتاب الجهاد وكان إسلام أبي هريرة متأخرا عن قصة العرنيين وقد تقدم بسط القول في ذلك في باب أبوال الابل والدواب في كتاب الطهارة وإنما أشرت إلى اليسير منه لبعد العهد به" (فتح الباري 10/ 119-120ط.دار المعرفة,بيروت)
@ أراد ابن حجر أن يسلب الحجاج حجيته في هذه الرواية فأغرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكل هذه الدموية ,بل أوصلته بلاهته إلى القول بأن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قتل المعتدين ومثل بهم وفق اجتهاد شخصي منه لم يكن للوحي أي تدخل فيه.
ويشمّ من الرواية رائحة الوضع لإرضاء الحجاج الثّقفي الذي عاث في الأرض فساداً وقتل من شيعة أهل البيت عليهم السلام آلاف الأبرياء ومثّل بهم فكان يقطع الأيدي والأرجل ويسمل الأعين ويخرج الألسن من القفا ويصلب الأحياء حتى يحترقوا بالشمس، ومثل هذا الرواية تبرّر أعماله فهو إنّما يقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله ولكم في رسول الله أسوة حسنة ـ فلا حول ولا قوّة إلا بالله.
ولذلك تفنّن معاوية في التّنكيل والتمثيل بالمسلمين الذين كانوا شيعة لعلي فكم أحرق بالنار وكم دفن أحياء وكم صلب على جذوع النخل ومن الفنون التي ابتكرها وزيره عمرو بن العاص أنّه مثل بمحمد بن أبي بكر رضي الله عنه واُلبسه جلد حمار وقذف به في النار !!
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وإنا لله وإنا إليه راجعون
وصلي اللهم وسلم على محمد وآل محمد
خادم أهل البيت عليهم السلام
Asd_alhag